الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة "الدكتور" و"شيخ المدربين" يدوسان على "عشرة سنين"

نشر في  17 أوت 2016  (14:08)

منذ ثلاثة أشهر تقريبا تفاعلنا كثيرا مع تداعيات حلبة صراع أشبه ما تكون بالقنبلة الموقوتة في مواجهة كلاسيكو البطولة بملعب رادس..وهذا ما برّره الكثيرون يومها بحدّة الرهان نحو لقب البطولة بين الترجي والنجم الساحلي وكذلك فداحة الهفوات المرتكبة من قبل الحكم محمد أمين بالناصر..

انقضت كل هذه المدة وخفتت حدّة الرهان مع خوض مجرّد دور ربع نهائي في كأس متخلّدة بالذمة منذ الموسم الفارط..ورغم العقوبات المسلّطة حينها وتكرار التحذيرات ووضع قوانين خاصة بحالات الاجتياح وابعاد الزائدين عن النصاب في المباريات الرسمية..الا أن النشاز تكرّر البارحة مجددا بين النجم الساحلي والترجي الرياضي في أولمبي سوسة..

لن نتحدث كثيرا في الجوانب الفنية ولا قرارات السرايري والذي يمكن القول بالمناسبة انه أعاد حيّزا من الثقة في وجود حكّام بشخصية قوية في ملاعبنا رغم بعض التذبذب الذي أصابه في النهاية وكذلك وجود بعض الاحتراز من قبل مسيّري النجم وجماهيره عن وجود أخطاء مؤثرة في تقديرهم الشخصي..ولكن تركيزنا سينصبّ على "التشهير" (مع سبق الاصرار والترصّد) بما أتاه طبيب الترجي الدكتور ياسن بن أحمد ومدرب النجم فوزي البنزرتي..فصنيعهما مخجل ومقرف ولا يشرّف مدرستي الترجي والنجم..وعلى المدب وشرف الدين أن يتحرّكا قبل الجامعة التي لا ننتظر منها الحزم بل أنها ستفصّل عقوبات على المقاس ليتكفّل الاستئناف لاحقا بالحطّ منها وتوفير أقصى ظروف التخفيف..

البنزرتي وكما نعهده منذ عقدين من الزمن مازال ذلك المدرب الهائج والثائر والغاضب من كل شيء والرافض لكل السياسات والقرارات..سواء ان كان منتصرا أو منهزما..وهنا لا بد ّمن احاطته علما بأن من في مثل خبرته وسنّه لا يليق بهم مثل ذلك المشهد الفولكلوري الذي لا علاقة له بالروح الانتصارية والحماسة مثلما يروّج لتخميرته دائما في أكثر من محطة كروية..بل انه نشاز مسيء لاسمه ومسيرته وهو الذي بلغ المجد عالميا وتسلّق سلم الشهرة من المحيط الى الخليج..ولأجل ذلك لا تقبل منه مثل هذه الصبيانيات كالتشمير عن الساعد والقفز حتى وان سلطت عليه أقسى المظالم فما بالك بخطأ تقدريري لا نخاله غيّر مسار مواجهة فاترة من ألفها الى يائها..

في المقابل فان صفة الدكتور تكفل وحدها تجريم ما أتاه طبيب الترجي ياسين بن أحمد الذي عرفته ملاعبنا سابقا لاعبا دمث الأخلاق وهادئا منذ بروزه في مكثر ثم وصولا الى الترجي..وحتى أثناء مسيرته المهنية فانه محسوب على شقّ "المكشخين المعتدلين"..ولم تظهر عليه بوادر تعصّب مفرط أو نزوع الى العنف والاحتجاجات بمثل الشاكلة التي ظهر بها هذا الموسم في مناسبتين ضد النجم الساحلي بطولة وكأسا..

قد يختلق البعض الأعذار مسبقا لبن أحمد بالحديث عن ظلم تحكيمي وما شابهه..ولكن هذه الحجة واهية ولا نرى هذا المجال ملائما لاستعراض قرارات تحكيمية خاطئة وغيّرت - على فداحتها- مسار ألقاب عالمية ولكنها لم تخلّف مثل هذه الردود.. فما بالك بمواجهة كأس محليّة مازالت في منتصف الطريق..

بن أحمد أصرّ على الخروج بلوك "البلطجيّة" الذي لا يلائم مستواه الأكاديمي ولا وظيفته السامية..ولا نظن أن توصيفه ب"المكشّخ الغيور" هو دافع لاتيان مثل هذه القذارات..واذا رام الدكتور حفظ المكانة التي نحتها سابقا في قلوب الجماهير الرياضية فما عليه الا أن يهدأ..

وقبل أن نختم قوس بن أحمد،فانّه لا بأس من الاشارة الى أحد الماسكين بأبواب الدخول الى النفق قبل حجرات ملابس أولمبي سوسة..فصنيعه بركل طبيب الترجي يتطلب تدوين تقرير اضافي من يوسف السرايري ان تغافل عن ذلك البارحة لسبب أو لأخر بعد أن أثبتت التحريات الفايسبوكية الأولية هويّته وكشفت أن الاعتداء صادر عن شخص لا يملك صفة رسمية في النجم وتسلّل عنوة الى هنالك..

هذه المشاهد الوضيعة نتمنى فعلا أن تحظى باهتمام جدّي من قبل المعنيين بالأمر قضائيا ورياضيا، فما أتاه البنزرتي وبن أحمد هو تعدّ واضح على الأعراف الرياضية وتمّ توثيقه تلفزيا وهو ليس أقلّ خطورة عما جدّ في حادثة اعتداء لاعبي "البقلاوة" على حارس مستقبل المرسى يوسف الطرابلسي..ومن باب السعي الى ارساء عدالة كرويّة فان مشاهد الشجار والتدافع والتلاسن بأسوأ العبارات تتطلب أيضا عقوبة على قدر الجرم المرتكب..

ما حصل وعلاوة على أنه تصدير مجاني للفوضى التونسية في قمّة كروية تحظى باهتمام اعلامي كبير عربيا، فانها مثّلت قطرة أفاضت كأس المودّة بين رجلين تجمعهما علاقة متينة..ولقصار الذاكرة نشير الى أن ياسين بن أحمد كان "رجل الخفاء ومنفّذ المهمة الصعبة" منذ ستّ سنوات حين غادر البنزرتي حديقة الترجي غاضبا ومهددا بالانفصال قبل رحلة سطيف القارية عقب نزول فريقه الأم الاتحاد المنستيري الى الرابطة الثانية والذي كان مصيره يومها مرتهنا الى نتيجة مباراة الترجي وأمل حمام سوسة..حينها تولّى بن أحمد بمجهود فردي كبير اقناعه بالعودة لاتمام ذلك المشوار مع الترجي بعد أن طارده في المنستير..غير أن حادثة البارحة وبكلّ اللغات والأعراف يمكن الجزم أنها "داست" فعلا على "عشرة سنين" تماما كذبحها لما تبقى من شريان الأخلاق الرياضية في كرتنا...

طارق العصادي